بسم الله الرحمن الرحيمكشفت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة بشأن اتخاذ إسرائيل في القريب العاجل قرارا سريعاً وحاسماً يتعلق بقطاع غزة، النقاب عن معالم المشهد السياسي القادم الذي ستشهده المنطقة قبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي هذا العام.
فالتهديدات الإسرائيلية بشأن اجتياح قطاع غزة لم يكن وليد يوم أو ليلة، بل كان مطروحاً وبشدة بعد سيطرة حماس على القطاع في يونيو 2007، عن طريق التدحرج الزمني في العمليات العسكرية على مناطق ومدن داخل قطاع غزة أواخر العام المنصرم وأوائل العام الجاري. ولكن ان يبدو الأمر باجتياح كامل للقطاع فهذا مستبعد لسبب بسيط، أنه لو كان الاجتياح سيحقق النتائج التي تتمناها إسرائيل لفعلتها منذ زمن!!.
ويتوقف طبيعة الرد الإسرائيلي على إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية على السيناريوهات المطروحة أمام إسرائيل للتعامل مع حماس، مع الأخذ بعين الاعتبار حساسية الوضع الراهن والتطورات الميدانية في لبنان.
وتتمثل هذه السيناريوهات المطروحة بالآتي: 1. يتوقف قرار اجتياح القطاع على ما سيحمله وزير الجيش الإسرائيلي (ايهود باراك) بعد عودته من مصر الأيام القادمة، حيث تتمثل مهمته في استيضاح مدى استعداد حماس للتقدم في قضية الجندي الأسير قبل البدء في عمليات عسكرية في قطاع غزة، وحينها سيتم حسم الموقف بشأن التوجه نحو تهدئة ثم تصعيد عسكري لغزة أم العكس؟؟ والأمر قد يستغرق بدوره أكثر من أسبوع، خاصة بعد انعقاد المؤتمر الاقتصادي في بيت لحم الأربعاء القادم.
2. خيار الاجتياح ليس سهلاً على الإطلاق، ولكنه ليس مستبعداً، خاصة وان القرار يعتمد على الاستعداد الإسرائيلي للتجاوب مع التهدئة، بالإشارة إلي مركزية القرار في إسرائيل، وتتمثل باولمرت وباراك ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيفي ليفني.
3. يشهد الواقع السياسي في إسرائيل ضغوطات قوية من ثلاثة تيارات، والتي تؤثر بدورها على طبيعة الرد الإسرائيلي وحجمه:التيار الأول:يؤيد وبشدة ضرورة اجتياح قطاع غزة وتحطيم حماس أمثال الوزير الإسرائيلي 'مئير شطريت'، و رئيس لجنة الخارجية والأمن السابق يوفال شتاينيتس.والتيار الثاني يتجه نحو إجراء مفاوضات غير مباشرة مع حماس للتوصل إلي تهدئة أمثال: رئيس الأركان الإسرائيلي السابق 'امنون' شاحك' ورئيس الموساد السابق 'افرايم هليفي' ورئيس كتيبة غزة سابقا 'زكاي' ورئيس حزب ميرتس 'يوسي بيلين'.أما التيار الثالث فهو مرهون بالإسرائيليين أنفسهم، الذين يضغطون بشأن المضي قدما لإطلاق سراح الجندي الأسير مهما كلف الثمن.
4. البالونات الحرارية التي تطلقها إسرائيل في تصريحاتها من وقت لآخر يعكس جدية الطرف الإسرائيلي في استغلال الوضع السياسي في المنطقة، خاصة الحصول على اكبر عدد من النقاط في الجولات العسكرية المقبلة قبيل انتهاء ولاية بوش وهشاشة النظام السياسي في إسرائيل بعد الملاحقات القضائية المتواصلة حول أولمرت، وانشغال حزب الله بالتطورات الميدانية في لبنان .
5. قد تكون الكرة في ملعب حماس ولكن حسب المزاج الإسرائيلي، فجدية موقفها بشأن التوصل إلي تهدئة متوقف على طبيعة التعامل الإسرائيلي حيالها والمكاسب السياسية التي ستحققها حماس من وراء الصفقة.
والآن أصبحت كافة الأطراف رهينة الزمن القياسي الذي وفره الرئيس الأمريكي كغطاء لأي عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة، أضف إلي ذلك الترقب الشديد من البرنامج النووي الإيراني خاصة بعد تأكيدات بوش بضرورة معالجة قضية إيران بشكل جذري، عن طريق إضعاف حزب الله وانتظار قرار التعامل مع حماس إن كان عسكريا أم سياسيا أم الاثنين معاً، والأمر متوقف على الأجندة الأمريكية في المنطقة، والمكاسب الأمنية التي ستحققها إسرائيل بالدرجة الأولى. وعليه فاجتياح قطاع غزة ليس سهلاً ولكنه ليس مستبعداً!!